واختلف في " لَمَّا " فقيل : مركبة من لم و" ما " زيدت عليها.
وقال سيبويه : بسيطة وليست " ما " زائدة ؛ لأنَّ " لما " تقع في مواضع لا تقع فيها " لم " ؛ يقول الرجل لصاحبه : أقدِّم فلاناً، فيقول " لَمَّا "، ولا يقال :" لَمْ " مفردةً.
قال المبرّد : إذا قال القائل : لم يأتني زيدٌ، فهو نفيٌ لقولك أتاك زيدٌ، وإذا قال لَمَّا يأتني، فمعناه : أنَّه لم يأتني بعد، وأنا أتوقَّعه ؛ قال النابغة :[ الكامل ]
١٠٤٢ - أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أنَّ رَكَابَنَا...
لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ
وفي قوله " مَثَلُ الَّذِينَ " حذف مضافٍ، وحذفُ موصوفٍ، تقديره : ولمَّا يأتكم مثل محنة المؤمنين الذين خلوا.
و" مِنْ قَبْلِكُمْ " متعلِّقٌ بـ " خَلَوا " وهو كالتأكيد، فإنَّ الصلة مفهومةٌ من قوله :" خَلَوْا ".
قوله :" مَسَّتْهم البأْسَاءُ " في هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أن تكون لا محلّ لها من الإعراب ؛ لأنها تفسيريةٌ، أي : فسَّرَتِ المثل وشرحته، كأنه قيل : ما كان مثلهم ؟ فقيل : مسَّتهم البأساء.
والثاني : ان تكون حالاً على إضمار " قَدْ " جوَّز ذلك أبو البقاء، وهي حالٌ من فاعلٍ " خَلَوا ".
وفي جعلها حالاً بَعْدٌ.
و" البَأْسَاءُ " : اسمٌ من البؤْسِ بمعنى الشِّدِّة، وهو البلاء والفقر.
و" الضَّرَّاءُ " : الأمراض، والآلام، وضروب الخوف.
قال أبو العبَّاس المقريُّ : ورد لفظ " الضُّرِّ " في القرآن على أربعة أوجهٍ :
الأول : الضُّرُّ : الفقر ؛ كهذه الآية، ومثله :﴿ وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ ﴾ [ يونس : ١٢ ]، وقوله تعالى :﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر ﴾ [ النحل : ٥٣ ] أي : الفقر.
الثاني : الضّرّ : القحط ؛ قال تعالى :﴿ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بالبأسآء والضرآء ﴾ [ الأعراف : ٩٤ ] أي : قحطوا.


الصفحة التالية
Icon