ثم ثنى ذلك التهديد بقوله ﴿ هل ينظرون ﴾ [ البقرة : ٢١٠ ] الآية ثم ثلث التهديد بقوله ﴿ سل بني إسرائيل ﴾ والخطاب للرسول ﷺ أو لكل أحد. وهذا السؤال سؤال تقريع كما يسأل الكفرة يوم القيامة، وإلا فكثرة الآيات التي أوتوها معلومة بإعلام الله تعالى. والمراد سل هؤلاء الحاضرين أنا لما آتينا أسلافهم آيات بينات فأنكروها لا جرم استوجبوا العقاب من الله تعالى، وذلك تنبيه لهؤلاء الحاضرين على أنهم لو زلوا عن آيات الله لوقعوا في العذاب كما وقع أولئك المتقدمون كي يعتبروا ويتعظوا. و " كم " تحتمل الاستفهامية والخبرية، و ﴿ من آية ﴾ مميزها، وقد فصل بين المميز وبينها بالفعل. فإن كانت استفهامية فالتقدير : سلهم عن عدد إيتائنا الآيات إياهم حتى يخبروك عن كميتها. وإن كانت خبرية فالمعنى : سلهم عن أنا كثيراً من الآيات آتيناهم. والآيات الواضحات إما معجزات موسى عليه السلام كفرق البحر وتظليل الغمام وتكليم الله إياه والعصا واليد ونحوها وهي تسع ﴿ ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات ﴾ [ الإسراء : ١٠١ ] وإما الدلائل الدالة على صحة دين الإسلام فمنهم من آمن وأقر ومنهم من جحد وبدل ﴿ ومن يبدل نعمة الله ﴾ قيل : إنها الآيات والدلائل الدالة على صحة دين الإسلام وهي أجل أقسام النعم، لأنها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة. ثم إن قلنا : الآيات معجزات موسى فتبديلها أن الله تعالى أظهرها لتكون أسباب هدايتهم فجعلوها أسباب ضلالتهم كقوله ﴿ فزادتهم رجساً إلى رجسهم ﴾ [ التوبة : ١٢٥ ] وإن قلنا : الآية البينة هي ما في التوراة والإنجيل من الدلائل على صحة نبوة محمد صلى الله