وذلك أن الكفار كانوا يستدلون بحصول الزخارف الدنيوية لهم على أنهم على الحق وبحرمان فقراء المؤمنين عنها على أنهم على الباطل، فرد الله تعالى عليهم قولهم بأن ذلك متعلق بمحض المشيئة، وقد يستتبع غاية هي الاستدراج في حق الكافر والابتلاء في حق المؤمن، أو يرزق من يشاء من مؤمن وكافر بغير حساب يكون لأحد عليه ولا مطالبة ولا سؤال سائل، فالأمر أمره والحكم حكمه ولا يسأل عما يفعل. أو من حيث لا يحتسب كما يقول الرجل " إذا جاءه ما لم يكن قد قدره ما كان هذا في حسابي " والمعنى أن الكفار وإن كانوا يسخرون من فقراء المؤمنين فلعل الله تعالى يرزق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، ولقد فعل ذلك بهم فأغناهم بما أفاء عليهم من أموال صناديد قريش ورؤساء اليهود، ويسر لهم الفتوح حتى ملكوا كنوز كسرى وقيصر، أو المراد أن ما يرزق العبد في الدنيا من الدنيا فلحرامها عذاب ولحلالها حساب، وما يرزق العبد في الآخرة من النعيم المقيم فبغير عذاب وبغير حساب. ويحتمل أن يخص الرزق في الآية بالمؤمنين في الآخرة، وعلى هذا يكون معنى ﴿ بغير حساب ﴾ أي رزقاً واسعاً وغذاء لا فناء له ولا انقطاع ولا حصر كقوله ﴿ يرزقون فيها بغير حساب ﴾ [ غافر : ٤٠ ] أو يقال : إن المنافع الواصلة إليهم في الجنة بعضها ثواب وبعضها تفضل كما قال ﴿ فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ [ النساء : ١٧٣ ] فالفضل بلا حساب إذ الحساب إنما يحتاج إليه إذا كان بحيث إذا أعطى شيئاً ينقص قدر الواجب عما كان والثواب ليس كذلك، فإنه بعد انقضاء الأدوار والأعصار يكون الثواب المستحق بحكم الوعد والفضل باقياً. فعلى هذا لا يتطرق الحساب ألبتة إلى الثواب. أو أراد أن الذي يعطى لا نسبة له إلى ما في خزائن ملكه وقدرته، فلا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي. أو معنى بغير حساب بغير استحقاق، وإنما يعطى بمجرد الفضل والإحسان. أو معناه أنه يزيد على قدر الكفاية إلى عشرة بل سبعمائة من قولهم