الذين قالوا : إن اسم المشرك لا يتناول إلا عبدة الأوثان قالوا : إن قوله تعالى :﴿وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات﴾ نهى عن نكاح الوثنية، أما الذين قالوا : إن اسم المشرك يتناول جميع الكفار قالوا : ظاهر قوله تعالى :﴿وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات﴾ يدل على أنه لا يجوز نكاح الكافرة أصلاً، سواء كانت من أهل الكتاب أو لا، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا فالأكثرون من الأئمة قالوا إنه يجوز للرجل أن يتزوج بالكتابية، وعن ابن عمر ومحمد بن الحنفية والهادي وهو أحد الأئمة الزيدية أن ذلك حرام، حجة الجمهور قوله تعالى في سورة المائدة :﴿والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ [ المائدة : ٥ ] وسورة المائدة كلها ثابتة لم ينسخ منها شيء قط.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد منه : من آمن بعد أن كان من أهل الكتاب ؟.
قلنا : هذا لا يصح من قبل أنه تعالى أو لا أحل المحصنات من المؤمنات، وهذا يدخل فيه من آمن منهن بعد الكفر، ومن كن على الإيمان من أول الأمر، ولأن قوله :﴿مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ [ البقرة : ١٠١ ] يفيد حصول هذا الوصف في حالة الإباحة، ومما يدل على جواز ذلك ما روي أن الصحابة كانوا يتزوجون بالكتابيات، وما ظهر من أحد منهم إنكار على ذلك، فكان هذا إجماعاً على الجواز.
نقل أن حذيفة تزوج بيهودية أو نصرانية، فكتب إليه عمر أن خل سبيلها، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام ؟ فقال : لا ولكنني أخاف.