﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ﴾ أي : عظيم - وقرئ بالمثلثة - وذلك لما فيها من المساوي المنابذة لمحاسن الشرع. من الكذب والشتم وزوال العقل واستحلال مال الغير :﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ دنيوية من اللذة والطرب والتجارة في الخمر. وإصابة المال بلا كدّ في الميسر. وفي تقديم بيان إثمه، ووصفه بالكب، وتأخير ذكر منافعه مع تخصيصها بالناس، من الدلائل على غلبة الأول - ما لا يخفى على ما نطق به قوله تعالى :﴿ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نفْعِهِمَا ﴾ أي : المفاسد المترتبة على تعاطيهما أعظم من الفوائد المترتبة عليه. أي : لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين. وفي هذا من التنفير عنها ما لا يخفى. ولهذا كانت هذه الآية ممهّدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة ؛ ولهذا، قال عمر لما قرأت عليه : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ! حتى نزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾ [ المائدة : ٩٠ - ٩١ ].
تنبيه :
ألف كثير من أعلام الأطباء والفلاسفة مؤلفات خاصة في مضرات المسكرات.
ولم تزل تعقد في بعض ممالك النصارى مؤتمرات دولية، تدعى إليه نواب من جميع دول العالم الكبيرة لمحاربة المسكرات، وعيافها، وإعلان تأثيرها في الأجساد والعقول والأرواح، وما ينشأ عنها من الخسران المالي، ومما قرره خمسون طبيباً منهم هذه الجمل :
١ - إن المسكرات لا تروي الظمأ بل تزيده.
٢ - إنها لا تفيد شيئاً في قضاء الأعمال.