قوله تعالى :﴿فاعتزلوا النسآء فِي المحيض﴾ أي في زمن الحيض، إن حملت المحيض على المصدر، أو في محل الحيض إن حملته على الاسم. ومقصودُ هذا النهي تركُ المجامعة. وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائض وما يُستَباح منها ؛ فرُوي عن ابن عباس وعَبيدةَ السَّلْمانيّ أنه يجب أن يعتزِل الرجلُ فِراش زوجته إذا حاضت. وهذا قولٌ شاذ خارجٌ عن قول العلماء. وإن كان عمومُ الآية يقتضيه فالسُّنّة الثابتة بخلافه ؛ وقد وقَفَتْ على ابن عباس خالتُه ميمونةُ وقالت له : أراغب أنت عن سنة رسول الله ﷺ ؟ ! وقال مالك والشافعيّ والأُوزاعيّ وأبو حنيفة وأبو يوسف وجماعةٌ عظيمة من العلماء : له منها ما فوق الإزار ؛ " لقوله عليه السلام للسائل حين سأله : ما يَحِلّ لي من امرأتي وهي حائض ؟ فقال :" لِتشدّ عليها إزارَها ثم شأنَكَ بأعلاها" " وقوله عليه السلام لعائشة حين حاضت :" شُدّي على نفسِك إزارَكِ ثم عودي إلى مضجعك " وقال الثَّوريّ ومحمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعيّ : يجتنب موضعَ الدم ؛ لقوله عليه السلام :" اصنعوا كلّ شيء إلا النكاح " وقد تقدّم.
وهو قول داود، وهو الصحيح من قول الشافعيّ. وروى أبو معشر عن إبراهيم عن مسروق قال : سألت عائشة ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ فقالت : كلُّ شيء إلا الفرج. (١)

_____
(١) ينبنى على هذا الخلاف فى هذه المسألة وما شابهها قاعدة كلية هى :
إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام


الصفحة التالية
Icon