قال الإمام السيوطى رحمه الله :
إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ وَأَوْرَدَهُ جَمَاعَةٌ حَدِيثًا بِلَفْظِ ﴿مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ﴾.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ الْعِرَاقِيُّ : وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ نَقْلًا عَنْ الْبَيْهَقِيّ : هُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، رَجُلٌ ضَعِيفٌ، عَنْ الشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
قُلْت : وَأَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ.
وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودِ لَا مَرْفُوعٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ : غَيْرِ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ.
قَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي السِّلْسِلَةِ : لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إلَّا مَا نَدَرَ.
فَمِنْ فُرُوعِهَا : إذَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ : أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْآخَرُ الْإِبَاحَةَ قُدِّمَ التَّحْرِيمُ فِي الْأَصَحِّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عُثْمَانُ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْجَمْع بَيْن أُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ " أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ.
وَالتَّحْرِيمُ أَحَبُّ إلَيْنَا " وَكَذَلِكَ تَعَارُض حَدِيثِ ﴿لَك مِنْ الْحَائِضِ مَا فَوْق الْإِزَارِ﴾ وَحَدِيثِ ﴿اصْنَعُوا كُلّ شَيْء إلَّا النِّكَاحَ﴾ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ مَا بَيْن السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.
وَالثَّانِي يَقْتَضِي إبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءِ، فَيُرَجَّحُ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا.
قَالَ الْأَئِمَّةُ : وَإِنَّمَا كَانَ التَّحْرِيمُ أَحَبَّ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكُ مُبَاحٍ لِاجْتِنَابِ مُحَرَّمٍ.
وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ.
وَمِنْهَا : لَوْ اشْتَبَهَتْ مَحْرَمٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ لَمْ تَحِلّ. أ هـ ﴿الأشباه والنظائر للسيوطى صـ ٢٠٩﴾