ومعنى الآية إن كانت العرضة بمعنى الحاجز نهيُ المسلمين عن أن يجعلوا اسم الله حائلاً معنوياً دون فعل ما حلفوا على تركه من البر والتقوى والإصلاحِ بين الناس فاللاَّم للتعليل، وهي متعلقة بتجعلوا، و﴿أن تبروا﴾ متعلق بعرضة على حذف اللام الجارة، المطرد حذفها مع أَنْ، أي ولا تجعلوا الله لأجل أن حلفتم به عرضة حاجزاً عن فعل البر والإصلاح والتقوى، فالآية على هذا الوجه نهي عن المحافظة على اليمين إذا كانت المحافظة عليها تمنع من فعل خير شرعي، وهو نهي تحريم أو تنزيه بحسب حكم الشيء المحلوف على تركه، ومن لوازمه التحرز حين الحلف وعدم التسرع للأيمان، إذ لا ينبغي التعرض لكثرة الترخص.
وقد كانت العرب في الجاهلية تغضب فتقسم بالله وبآلهتها وبآبائها، على الامتناع من شيء، ليسدوا باليمين بابَ المراجعة أو الندامة.
وفي " الكشاف" " كان الرجل يحلف على ترك الخير من صلة الرحم، أو إصلاح ذات البين، أو إحسان، ثم يقول أخاف أن أحنث في يميني، فيترك فعل البر فتكون الآية واردة لإصلاح خلل من أحوالهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٧٨﴾
قوله تعالى :﴿والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما أرشد السياق والعطف على غير مذكور إلى أن التقدير : فالله جليل عظيم عطف عليه قوله :﴿والله﴾ أي بما له من العز والعظمة ﴿سميع﴾ لجميع ما يكون من ذلك وغيره ﴿عليم﴾ بما أسر منه وما أعلن، فاحذروه في جميع ما يأمركم به وينهاكم عنه، ويجوز أن يكون الجملة حالاً من واو ﴿تجعلوا﴾ فلا يكون هناك مقدر ويكون الإظهار موضع الإضمار لتعظيم المقام.
أهـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٢٤ ـ ٤٢٥﴾
قال الفخر :
﴿والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ أي : إن حلفتم يسمع، وإن تركتم الحلف تعظيماً لله وإجلالاً له من أن يستشهد باسمه الكريم في الأغراض العاجلة فهو عليم عالم بما في قلوبكم ونيتكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٦٦﴾
وقال أبو حيان :


الصفحة التالية
Icon