والباعث على السؤال أن أهل يثرب قد امتزجوا باليهود واستنوا بسنتهم في كثير من الأشياء، وكان اليهود يتباعدون عن الحائض أشد التباعد بحكم التوراة ففي الإصحاح الخامس عشر من سفر اللاويين " إذا كانت امرأة لها سيل دماً في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجساً إلى المساء وكل ما تضطجع عليه يكون نجساً وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجساً إلى المساء وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجساً سبعة أيام". وذكر القرطبي أن النصارى لا يمتنعون من ذلك ولا أحسب ذلك صحيحاً فليس في الإنجيل ما يدل عليه، وإن من قبائل العرب من كانت الحائض عندهم مبغوضة فقد كان بنو سليح أهل بلد الحضْر، وهم من قضاعة نصارى إن حاضت المرأة أخرجوها من المدينة إلى الربض حتى تطهر وفعلوا ذلك بنصرة ابنة الضيزن ملك الحضْر، فكانت الحال مظنة حيرة المسلمين في هذا الأمر تبعث على السؤال عنه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٦٤ ـ ٣٦٥﴾
لطيفة
قال العلامة الفيروزابادى :
( بصيرة فى السؤال )
وهو ما يَسأَله الإِنسان. قال الله تعالى :﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسَى﴾.
والسّؤال : استدعاء معرفة أَو ما يؤدّى إِلى المعرفة، واستدعاءُ مال، أَو ما يؤدّى إِلى المال. فاستدعاءُ المعرفة جوابُه باللسان، واليدُ خليفة له بالكتابة، أَو الإِشارة. واستدعاءُ المال جوابه باليد، واللسانُ خليفة لها إِمّا بوعد، أَو برَدٍّ. تقول : سأَلته عن الشىء سؤالا، ومسأَلة. وقال الأَخفش : يقال : خرجنا نسأَل عن فلان وبفلان.
وقد تخفَّف همزته فيقال سال يَسال. وقرأَ أَبو جعفر :﴿سَأَلَ سَآئِلٌ﴾ بتخفيف الهمزة. قال :
ومُرهَق سال إِمتاعا بأُصْدته لم يستعِنْ وحَوامِى الموت تغشاه
والأَمر منه سَلْ بحركة الحرف الثانى من المستقبل، ومن الأَوّل اسْأَل.