ذهب أكثر العلماء إلى أن المراد من الآية أن الرجل مخير بين أن يأتيها من قبلها في قبلها، وبين أن يأتيها من دبرها في قبلها، فقوله :﴿أنى شِئْتُمْ﴾ محمول على ذلك، ونقل نافع عن ابن عمر أنه كان يقول : المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن، وسائر الناس كذبوا نافعاً في هذه الرواية، وهذا قول مالك، واختيار السيد المرتضى من الشيعة، والمرتضى رواه عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وحجة من قال : إنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن من وجوه :
الحجة الأولى : أن الله تعالى قال في آية المحيض :﴿قُلْ هُوَ أَذًى فاعتزلوا النساء فِي المحيض﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ] جعل قيام الأذى علة لحرمة إتيان موضع الأذى، ولا معنى للأذى إلا ما يتأذى الإنسان منه وههنا يتأذى الإنسان بنتن روائح ذلك الدم وحصول هذه العلة في محل النزاع أظهر فإذا كانت تلك العلة قائمة ههنا وجب حصول الحرمة.
الحجة الثانية : قوله تعالى :﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله﴾ [ البقرة : ٢٢٢ ] وظاهر الأمر للوجوب، ولا يمكن أن يقال : إنه يفيد وجوب إتيانهن لأن ذلك غير واجب، فوجب حمله على أن المراد منه أن من أتى المرأة وجب أن يأتيها في ذلك الموضع الذي أمر الله تعالى به ثم هذا غير محمول على الدبر، لأن ذلك بالإجماع غير واجب فتعين أن يكون محمولاً على القبل، وذلك هو المطلوب.


الصفحة التالية
Icon