ولمَّا تُصوّر من الرّجل استعلاء على المرأَة، وأَن بسببه صار سائسَها، والقائم عليها، شُبّه كلّ مستعل على غيره به، فسمّى به. فسمَّى قوم معبودهم الذى يتقَرَّبُون به إِلى الله تعالى " بعلا" لاعتقادهم ذلك فيه. وقيل للأَرضِ المستعلية على غيرها : بَعْل، ولفَحْل النخل : بعل. تشبيها بالبعل من الرّجال، وكذا سمّوا ما عَظُم من النخل حتى شرب بعروقه بعلاً، لاستعلائه واسغنائه عن السّاقى، ولمّا كانت وَطْأَة العالى على المستولَى عليه مستثقلة فى النَّفس قيل : أَصبح فلان بَعْلاً على أَهله أَى ثقيلاً، لعلوّه عليهم. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ٢ صـ ٢٦٠﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿وبعولتهنَّ﴾.
البعولة جمع بعل، والبعل اسم زوج المرأة.
وأصل البعل في كلامهم، السيد.
وهو كلمة ساميَّة قديمة، فقد سمَّى الكنعانيون ( الفينقيون ) معبودهم بَعْلاً قال تعالى :﴿أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين﴾ [ الصافات : ١٢٥ ] وسمي به الزوج لأنه ملك أمر عصمة زوجه، ولأن الزوج كان يعتبر مالكاً للمرأة وسيداً لها، فكان حقيقاً بهذا الاسم، ثم لما ارتقى نظام العائلة من عهد إبراهيم عليه السلام فما بعده من الشرائع، أخذ معنى الملك في الزوجية يضعف، فأطلق العرب لفظ الزوج على كلَ من الرجل والمرأة، اللذين بينهما عصمة نكاح، وهو إطلاق عادل ؛ لأن الزوج هو الذي يثنى الفرد، فصارا سواء في الاسم، وقد عبر القرآن بهذا الاسم في أغلب المواضع، غير التي حكى فيها أحوال الأمم الماضية كقوله :﴿وهذا بعلي شيخا﴾ [ هود : ٧٢ ]، وغير المواضع التي أشار فيها إلى التذكير بما للزوج من سيادة، نحو قوله تعالى :﴿وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً﴾ [ النساء : ١٢٨ ] وهاته الآية كذلك، لأنه لما جعل حق الرجعة للرَّجل جبراً على المرأة، ذكَّر المرأة بأنه بعلُها قديماً.


الصفحة التالية
Icon