وقيل : البعل : الذكر، وتسمية المعبود بَعْلاً لأنه رمز إلى قوة الذكورة، ولذلك سمي الشجر الذي لا يسقى بَعْلاً، وجاء جمعه على وزن فعولة، وأصله فُعول المطردُ في جمع فَعْل، لكنه زيدت فيه الهاء لتوهم معنى الجماعة فيه، ونظيره قولهم : فُحُولة وذُكُورة وكُعُوبة وسُهُولة، جمع السَّهل ضد الجبل، وزيادة الهاء على مثله سماعي ؛ لأنها لا تؤذن بمعنى، غير تأكيد معنى الجمعية بالدلالة على الجماعة.
وضمير ﴿بعولتهن﴾، عائد إلى ( المطلقات ) قبله، وهن المطلقات الرجعيات كما تقدم، فقد سماهن الله تعالى مطلقات لأن أزواجهن أنشأُوا طلاقهن، وأَطلق اسم البعولة على المطلقين، فاقتضى ظاهره أنهم أزواج للمطلقات، إلاّ أن صدور الطلاق منهم إنشاء لفك العصمة التي كانت بينهم، وإنما جعل الله مدة العدة توسعة على المطلقين، عسى أن تحدث لهم ندامة ورغبة في مراجعة أزواجهم ؛ لقوله تعالى :﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً﴾ [ الطلاق : ١ ]، أي أمر المراجعة، وذلك شبيه بما أجرته الشريعة في الإيلاء، فللمطلقين بحسب هذه الحالة حالة وسَطٌ بين حالة الأزواج وحالة الأجانب، وعلى اعتبار هذه الحالة الوسط أُوقع عليهم اسم البعولة هنا، وهو مجاز قرينته واضحة، وعلاقته اعتبار ما كان، مثل إطلاق اليتامى في قوله تعالى :﴿وأتوا اليتامى أموالهم﴾ [ النساء : ٢ ].
وقد حمله الجمهور على المجاز ؛ فإنهم اعتبروا المطلقة طلاقاً رجعياً امرأة أجنبية عن المطلق بحسب الطلاق، ولكن لما كان للمطلق حق المراجعة، ما دامت المرأة في العدة، ولو بدون رضاها، وجب إعمال مقتضى الحالتين، وهذا قول مالك والشافعي.


الصفحة التالية
Icon