قوله تعالى :﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما ذكر الرجعة له بصيغة الأحق وبين الحق من الجانبين بين فضل الرجال بقوله :﴿وللرجال﴾ أعم من أن يكونوا بعولة ﴿عليهن﴾ أي أزواجهم ﴿درجة﴾ أي فضل من جهات لا يخفى كالإنفاق والمهر لأن الدرجة المرقى إلى العلو. وقال الحرالي : لما أوثروا به من رصانة العقل وتمام الدين - انتهى. فالرجل يزيد على المرأة بدرجة من ثلاث لأن كل امرأتين بمنزلة رجل.
ولما أعز سبحانه وتعالى الرجل وصف نفسه بالعزة مبتدئاً بالاسم الأعظم الدال على كل كمال فقال عطفاً على ما تقديره : لأن الله أعزهم عليهن بحكمته :﴿والله﴾ أي الذي له كمال العظمة ﴿عزيز﴾ إشارة إلى أنه أعز بل لا عزيز إلا هو ليخشى كل من أعاره ثوب عزة سطوته ؛ وقال :﴿حكيم﴾ تنبيهاً على أنه ما فعل ذلك إلا لحكمة بالغة تسلية للنساء وإن ما أوجده بعزته وأتقنه بحكمته لا يمكن نقضه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٢٩ ـ ٤٣٠﴾
قال العلامة الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾.
لم يبين هنا ما هذه الدرجة التي للرجال على النساء، ولكنه أشار لها في موضع آخر وهو قوله تعالى :
﴿الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النسآء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [ النساء : ٣٤ ] فأشار إلى أن الرجل أفضل من المرأة. وذلك لأن الذكورة شرف وكمال والأنوثة نقص خلقي طبيعي، والخلق كأنه مجمع على ذلك. لأن الأنثى يجعل لها جميع الناس أنواع الزينة والحلي، وذلك إنما هو لجبر النقص الخلقي الطبيعي الذي هو الأنوثة، بخلاف الذكر فجمال ذكورته يكفيه عن الحلي ونحوه.
وقد أشار تعالى إلى نقص المرأة وضعفها الخلقيين الطبيعيين، بقوله :﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [ الزخرف : ١٨ ]. لأن نشأتها في الحلية دليل على نقصها المراد جبره، والتغطية عليه بالحلي كما قال الشاعر :
وما الحلي إلا زينة من نقيصة... يتمم من حسن إذا الحسن قصرا
وأما إذا كان الجمال موفراً... كحسنك لم يحج إلى أن يزورا
ولأن عدم إبانتها في الخصام إذا ظلمت دليل على الضعف الخلقي، كما قال الشاعر :
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له... ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب
فلم يعتذر عذر البرئ ولم تزل... به سكتة حتى يقال مريب
ولا عبرة بنوادر النساء. لأن النادر لا حكم له.