وقال القرطبى :
ولا يخفى على لبيب فضل الرجال على النساء ؛ ولو لم يكن إلا أن المرأة خلقت من الرجل فهو أصلها، وله أن يمنعها من التصرف إلا بإذنه ؛ فلا تصوم إلا بإذنه ولا تحج إلا معه.
أهـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ١٢٥﴾
كلام نفيس للعلامة ابن عاشور ـ ولله دره ـ :
قال رحمه الله :
المراد بالرجال في قوله :﴿وللرجال﴾ الأزواج، كأنه قيل : ولرجالهن عليهن درجة.
والرجل إذا أضيف إلى المرأة، فقيل : رجل فلانة، كان بمعنى الزوج، كما يقال للزوجة : امرأة فلان، قال تعالى :﴿وامرأته قائمة﴾ [ هود : ٧١ ] ﴿إلا امرأتك﴾ [ هود : ٨١ ].
ويجوز أن يعود الضمير إلى النساء في قوله تعالى ﴿للذين يؤلون من نسائهم﴾ [ البقرة : ٢٢٦ ] بمناسبة أن الإيلاء من النساء هضم لحقوقهن، إذا لم يكن له سبب، فجاء هذا الحكم الكلي على ذلك السبب الخاص لمناسبة ؛ فإن الكلام تدرج من ذكر النساء اللائي في العصمة، حين ذكر طلاقهن بقوله ﴿وإن عزموا الطلاق﴾ [ البقرة : ٢٢٧ ]، إلى ذكر المطلقات بتلك المناسبة، ولما اختتم حكم الطلاق بقوله :﴿وبعولتهن أحق بردهن في ذلك﴾ صار أولئك النساء المطلقات زوجات، فعاد الضمير إليهن باعتبار هذا الوصف الجديد، الذي هو الوصف المبتدأ به في الحكم، فكان في الآية ضرب من رد العجز على الصدر، فعادت إلى أحكام الزوجات بأسلوب عجيب والمناسبة أن في الإيلاء من النساء تطاولاً عليهن، وتظاهراً بما جعل الله للزوج من حق التصرف في العصمة، فناسب أن يذكَّروا بأن للنساء من الحق مثل ما للرجال.
وفي الآية احتباك، فالتقدير : ولهن على الرجال مثل الذي للرجال عليهن، فحذف من الأول لدلالة الآخر، وبالعكس.