روى البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال :" كنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قومٌ تغلبهم نساؤهم فطفِق نساؤنا يأخذن من أدب الأنصار فصخبتُ علَى امرأتي فراجعتْني فأنكرتُ أن تراجعني قالت : ولِمَ تنكرُ أَن أراجعك فوالله إن أزواج النبيى ليراجعنه وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل فراعني ذلك وقلت : قد خابت من فعلت ذلك منهن ثم جمعت عليَّ ثيابي فنزلت فدخلت على حفصة فقلت لها : أَيْ حفصةُ أتغاضب إحداكن النبي اليوم حتى الليل ؟ قالت : نعم فقلت : قد خبتِ وخسرتِ " الحديث.
وفي رواية عن ابن عباس عنه " كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً فلما جاء الإسلام، وذكَرَهُن الله رأَينا لهن بذلك علينا حقاً من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا" ويتعين أن يكون هذا الكلام صدراً لما في الرواية الأخرى وهو قوله :" كنا معشر قريش نغلب النساء" إلى آخره، فدل على أن أهل مكة كانوا أشد من أهل المدينة في معاملة النساء.
وأحسب أن سبب ذلك أن أهل المدينة كانوا من أزد اليمن، واليمن أقدم بلاد العرب حضارة، فكانت فيهم رقة زائدة.
وفي الحديث " جاءكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمانُ يَمَاننٍ والحكمةُ يَمَانية "
وقد سمى عمر بن الخطاب ذلك أدباً فقال : فطفِق نساؤنا يأخذْن من أدب الأنصار.
وكانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها إذا حلت له، وإن شاءوا، زوجوها بمن شاؤا وإن شاءوا لم يزوجوها فبقيت بينهم، فهم أحق بذلك فنزلت آية :﴿يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً﴾ [ النساء : ١٩ ].