وقوله :﴿وللرجال عليهن درجة﴾ إثبات لتفضيل الأزواج في حقوق كثيرة على نسائهم لكيلا يظن أن المساواة المشروعة بقوله :﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف﴾ مطردة، ولزيادة بيان المراد من قوله ﴿بالمعروف﴾، وهذا التفضيل ثابت على الإجمال لكل رجل، ويظهر أثر هذا التفضيل عند نزول المقتضيات الشرعية والعادية.
وقوله :﴿للرجال﴾ خبر عن ( درجة )، قدم للاهتمام بما تفيده اللام من معنى استحقاقهم تلك الدرجة، كما أشير إلى ذلك الاستحقاق في قوله تعالى :﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض﴾ [ النساء : ٣٤ ] وفي هذا الاهتمام مقصدان أحدهما دفع توهم المساواة بين الرجال والنساء في كل الحقوق، توهماً من قوله آنفاً :﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف﴾ وثانيهما تحديد إيثار الرجال على النساء بمقدار مخصوص، لإبطال إيثارهم المطلق، الذي كان متبعاً في الجاهلية.
والرجال جمع رجل، وهو الذكر البالغ من الآدميين خاصة، وأما قولهم : امرأة رجلة الرَّأي، فهو على التشبيه أي تشبه الرجل.
والدرجة ما يرتقى عليه في سلم أو نحوه، وصيغت بوزن فعلة من درج إذا انتقل على بطء ومهل، يقال : درج الصبي، إذا ابتدأ في المشي، وهي هنا استعارة للرفعة المكنَّى بها عن الزيادة في الفضيلة الحقوقية، وذلك أنه تقرر تشبيه المزية في الفضل بالعلو والارتفاع، فتبع ذلك تشبيه الأفضلية بزيادة الدرجات في سير الصاعد، لأن بزيادتها زيادة الارتفاع، ويسمون الدرجة إذا نزل منها النازل : دركة، لأنه يدرك بها المكان النازل إليه.
والعبرة بالمقصد الأول، فإن كان المقصد من الدرجة الارتفاع كدرجة السلم والعلو فهي درجة وإن كان القصد النزول كدرك الداموس فهي دركة، ولا عبرة بنزول الصاعد وصعود النازل.