و ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴾ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ :﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ يَعْنِي : الْكُفْرَ وَالْكَلَامَ الْقَبِيحَ.
وَقَالَ ﴿ وَالْغَوْا فِيهِ ﴾ يَعْنِي : الْكَلَامَ الَّذِي لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِيَشْغَلُوا السَّامِعِينَ عَنْهُ وَقَالَ :﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ يَعْنِي الْبَاطِلَ.
وَيُقَالُ : لَغَا فِي كَلَامِهِ يَلْغُو، إذَا أَتَى بِكَلَامٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ مَعَانٍ عَنْ السَّلَفِ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :" هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ يَرَاهُ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ".
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ، قَالَ مُجَاهِدٌ :﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ ﴾ : أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ وَقَالَتْ عَائِشَةُ : هُوَ ﴿ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ ﴾ وَرُوِيَ عَنْهَا مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي النَّهْيِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي رَوَاهُ عَنْهَا عَطَاءٌ أَنَّهَا قَالَتْ :" قَوْلُ الرَّجُلِ فَعَلْنَا وَاَللَّهِ كَذَا وَصَنَعْنَا وَاَللَّهِ كَذَا " وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :" هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَرَامِ فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِتَرْكِهِ ".
وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُوَافِقٌ لِتَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ :﴿ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ ﴾ أَنْ يَمْتَنِعَ بِالْيَمِينِ مِنْ فِعْلٍ مُبَاحٍ أَوْ يُقْدِمَ بِهَا عَلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ.


الصفحة التالية
Icon