قِيلَ لَهُ : قَوْلُ الْقَائِلِ " الْقُرْءُ هُوَ خُرُوجٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ أَوْ مِنْ حَيْضٍ إلَى طُهْرٍ " قَوْلٌ يَفْسُدُ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ السَّلَفَ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى :﴿ يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ : هِيَ الْحَيْضُ.
وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الْأَطْهَارُ.
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ : إنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ حَيْضٍ إلَى طُهْرٍ أَوْ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ ؛ فَقَوْلُ الْقَائِلِ بِمَا وَصَفْت خَارِجٌ عَنْ إجْمَاعِ السَّلَفِ، وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ، فَهُوَ سَاقِطٌ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِيهِ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَقِيقَتِهِ مَا يُوجِبُ احْتِمَالَ خُرُوجِهَا مِنْ حَيْضٍ إلَى طُهْرٍ أَوْ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ، فَيَفْسُدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.
وَيَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى مَعْنًى لِاسْمٍ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ مِنْهَا عَلَيْهِ أَوْ رِوَايَةٍ عَنْ أَهْلِهَا فِيهِ، فَلَمَّا عَرِيَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ دَلَالَةِ اللُّغَةِ وَرِوَايَةٍ فِيهَا سَقَطَ.


الصفحة التالية
Icon