وَكَذَلِكَ فِي الْحَبَلِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا فِيهِ مَقْبُولٌ لَمَا وُعِظَتْ بِتَرْكِ الْكِتْمَانِ وَلَا كِتْمَانَ لَهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ " أَنَا حَائِضٌ " لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا، وَأَنَّهَا إذَا قَالَتْ " قَدْ طَهُرْت " حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت " فَقَالَتْ " قَدْ حِضْت " طَلُقَتْ وَكَانَ قَوْلُهَا كَالْبَيِّنَةِ.
وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ، نَحْوَ قَوْلِهِ " إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا " فَقَالُوا : لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَتُصَدَّقُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا قَبُولَ قَوْلِهَا فِي الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَفِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ مَعْنًى يَخُصُّهَا وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، فَجُعِلَ قَوْلُهَا كَالْبَيِّنَةِ ؛ فَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا تَعَلَّقَ مِنْ الْأَحْكَامِ بِالْحَيْضِ فَقَوْلُهَا مَقْبُولٌ فِيهِ.
وَقَالُوا : لَوْ قَالَ لَهَا " عَبْدِي حَرٌّ إنْ حِضْت " فَقَالَتْ " قَدْ
حِضْت " لَمْ تُصَدَّقْ ؛ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ فِي غَيْرِهَا أَعْنِي عِتْقَ الْعَبْدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ قَوْلَهَا كَالْبَيِّنَةِ فِي الْحَيْضِ فِيمَا يَخُصُّهَا مِنْ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَمِنْ إبَاحَةِ وَطْئِهَا أَوْ حَظْرِهِ، فَأَمَّا فِيمَا لَا يَخُصُّهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ فَلَا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ.