عَلَى الْمَيْلِ إِلَيْهِ وَمَضَتْ سُنَّتُهُ بِحِفْظِ النَّوْعِ بِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ النَّسْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ مَا قَضَتْ بِهِ شَرِيعَةُ اللهِ تَعَالَى مِنْ طَلَبِ التَّزَوُّجِ وَتَحْرِيمِ الرَّهْبَانِيَّةِ، فَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتْرُكَ الزَّوَاجَ عَلَى نِيَّةِ الْعِبَادَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدِ امْتَنَّ عَلَيْنَا بِأَنْ خَلَقَ
لَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا أَزْوَاجًا لِنَسْكُنَ إِلَيْهَا وَأَرْشَدَنَا إِلَى أَنْ نَدْعُوَهُ بِقَوْلِهِ :(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) (٢٥ : ٧٤) وَلَا يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ تَعَالَى بِتَرْكِ مَا شَرَعَهُ وَامْتَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَجَعَلَهُ مِنْ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ، فَإِتْيَانُ النِّسَاءِ بِالزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي يُبْتَغَى بِهَا النَّسْلُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، وَتَرْكُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ مُخَالَفَةٌ لِسُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي خَلِيقَتِهِ، وَسُنَّتِهِ فِي شَرِيعَتِهِ. وَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :(وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ : أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ ؟ قَالَ :(أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ) ؟ الْحَدِيثَ، وَكَأَنَّ السَّائِلِينَ كَانُوا تَوَهَّمُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَكُونُ كَالْأَدْيَانِ الْأُخْرَى يَجْعَلُ الْعِبَادَةَ فِي تَعْذِيبِ النَّفْسِ وَمُخَالَفَةِ الْفِطْرَةِ; كَلَّا، إِنَّهُ دِينُ الْفِطْرَةِ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى إِقَامَتِهَا مَعَ الْقَصْدِ وَعَدَمِ الْبَغْيِ فِيهَا.