(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ لِلْمُؤْلِينَ مِنْ نِسَائِهِمْ حَالَيْنِ : الْفَيْئَةُ بِالرُّجُوعِ إِلَى مُعَاشَرَتِهِنَّ، وَعَزْمُ الطَّلَاقِ وَإِمْضَاؤُهُ، نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَهُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مُتَمِّمًا لَهُ فَقَالَ :(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) إِلَخْ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ - قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ - الْمُرَادُ بِالْمُطَلَّقَاتِ الْأَزْوَاجُ اللَّوَاتِي تَحَقَّقَ فِيهِنَّ
مَعْنَى الزَّوْجِيَّةِ وَعُهِدْنَ أَنْ يَكُنَّ مُطَلَّقَاتٍ، وَأَنْ يَتَزَوَّجْنَ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَهُنَّ الْحَرَائِرُ ذَوَاتُ الْحَيْضِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، فَلَا يَأْتِي هُنَا مَا يَقُولُهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي كَلِمَةِ : الْمُطَلَّقَاتُ هَلِ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ أَمْ لِلْجِنْسِ ؟ وَهَلْ هُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ أَمْ لَا ؟ لِأَنَّ وَصْلَ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا يَمْنَعُ كُلَّ ذَلِكَ، كَمَا يَمْنَعُهُ التَّرَبُّصُ بِالزَّوَاجِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ الْبَحْثُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا حُكْمُ مَنْ لَسْنَ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ كَالْيَائِسَةِ وَالَّتِي لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْحَيْضِ فَمَذْكُورٌ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ.