وَهُنَّ كَأَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِي مَفْهُومِ الْمُطَلَّقَاتِ، فَإِنَّ الْيَائِسَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَلَّا تُطَلَّقَ لِأَنَّ مَنْ أَمْضَى زَمَنَ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ امْرَأَةٍ حَتَّى يَئِسَتْ مِنَ الْمَحِيضِ كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الطَّبْعِ وَالْفِطْرَةِ وَمِنْ أَدَبِ الشَّرْعِ وَالدِّينِ أَنْ يَحْفَظَ عَهْدَهَا وَيَرْعَى وُدَّهَا بِإِبْقَائِهَا عَلَى عِصْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ السُّفَهَاءِ لَا يَحْتَرِمُونَ تِلْكَ الْعِشْرَةَ الطَّوِيلَةَ، وَلَا يُرَاعُونَ ذَلِكَ الْمِيثَاقَ الْغَلِيظَ فَيُقْدِمُوا عَلَى طَلَاقِ الْيَائِسَةِ، ثُمَّ إِنَّ الْيَائِسَةَ إِذَا طُلِّقَتْ فَلَا تَكَادُ تَتَزَوَّجُ، وَمَا خَرَجَ عَنْ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَاسْتِقَامَةِ الطَّبْعِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَالَّتِي لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْمَحِيضِ قَلَّمَا تَكُونُ زَوْجًا، وَمَنْ عَقَدَ عَلَى مِثْلِهَا كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا عَظِيمَةً فَيَنْدُرُ أَنْ يَتَحَوَّلَ فَيُطَلِّقَ، وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا يَتَبَادَرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ لَفْظِ الْمُطَلَّقَاتِ يُفِيدُ أَنَّهُنَّ الزَّوْجَاتُ الْمَعْهُودَاتُ الْمُسْتَعِدَّاتُ لِلْحَمْلِ وَالنَّسْلِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصِدُ مِنَ الزَّوْجِيَّةِ فَيُنْتَظَرُ أَنْ يَرْغَبَ النَّاسُ فِي التَّزَوُّجِ بِهِنَّ.