وَفِي التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ :(يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) مِنَ الْإِبْدَاعِ فِي الْإِشَارَةِ، وَالنَّزَاهَةِ فِي الْعِبَارَةِ، مَا عُهِدَ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ مُرَاعَاةَ مِثْلِهِ إِنْسَانٌ، فَالْكَلَامُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَهُنَّ مُعَرَّضَاتٌ لِلزَّوَاجِ، وَخُلُوٍّ مِنَ الْأَزْوَاجِ، وَالْأَنْسَبُ فِيهِ تَرْكُ التَّصْرِيحِ بِمَا يَتَشَوَّقْنَ إِلَيْهِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْكِنَايَةِ عَمَّا يَرْغَبْنَ فِيهِ، عَلَى إِقْرَارِهِنَّ عَلَيْهِ وَعَدَمِ إِيئَاسِهِنَّ مِنْهُ، مَعَ اجْتِنَابِ إِخْجَالِهِنَّ، وَتَوَقِّي تَنْفِيرِهِنَّ أَوِ التَّنْفِيرِ مِنْهُنَّ، وَقَدْ جَمَعَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :(يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَازِ، الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَاقِعِ الْإِعْجَازِ، فَأَفَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَمْلِكْنَ رَغْبَتَهُنَّ، وَيَكْفُفْنَ جِمَاحَ أَنْفُسِهِنَّ، إِلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ الْمَمْدُودَةِ، وَالْعِدَّةِ الْمَعْدُودَةِ، وَلَكِنْ


الصفحة التالية
Icon