لِشَرَائِعِهِمْ وَعَقَائِدِهِمْ وَآدَابِهِمْ وَعَادَاتِهِمْ، فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُعْطِي الرَّجُلَ مِيزَانًا يَزِنُ بِهِ مُعَامَلَتَهُ لِزَوْجِهِ فِي جَمِيعِ الشُّئُونِ وَالْأَحْوَالِ، فَإِذَا هُمْ بِمُطَالَبَتِهَا بِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ يَتَذَكَّرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ بِإِزَائِهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : إِنَّنِي لَأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي كَمَا تَتَزَيَّنُ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْمِثْلَ بِأَعْيَانِ الْأَشْيَاءِ وَأَشْخَاصِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْحُقُوقَ بَيْنَهُمَا مُتَبَادَلَةٌ وَأَنَّهُمَا أَكْفَاءٌ، فَمَا مِنْ عَمَلٍ تَعْمَلُهُ الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ إِلَّا وَلِلرَّجُلِ عَمَلٌ يُقَابِلُهُ لَهَا، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ فِي شَخْصِهِ، فَهُوَ مِثْلُهُ فِي جِنْسِهِ، فَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَعْمَالِ، كَمَا أَنَّهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فِي الذَّاتِ وَالْإِحْسَاسِ وَالشُّعُورِ وَالْعَقْلِ; أَيْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَشَرٌ تَامٌّ لَهُ عَقْلٌ يَتَفَكَّرُ فِي مَصَالِحِهِ، وَقَلْبٌ يُحِبُّ مَا يُلَائِمُهُ وَيُسَرُّ بِهِ، وَيَكْرَهُ مَا لَا يُلَائِمُهُ وَيَنْفِرُ مِنْهُ، فَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ يَتَحَكَّمَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ بِالْآخَرِ وَيَتَّخِذَهُ عَبْدًا يَسْتَذِلُّهُ وَيَسْتَخْدِمُهُ فِي مَصَالِحِهِ، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ عَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَيَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ سَعِيدَةً إِلَّا بِاحْتِرَامِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهِ.


الصفحة التالية
Icon