والثاني : أنه من باب الاتساعِ، ووضعِ أحدِ الجمعين موضعَ الآخر.
والثالث : أنَّ " قروءاً " جمعُ " قَرْءٍ " بفتح القافِ، فلو جاء على " أَقْرَاء " لجاء على غير القياس ؛ لأنَّ أفعالاً لا يطَّردُ في فَعْلٍ بفتح الفَاء.
والرابع - وهو مذهب المُبَرِّد - : أنَّ التقدير " ثَلاثَةً مِنْ قُرُوءٍ "، فحذف " مِنْ "، وأجاز : ثَلاثَة حَمِيرٍ وثَلاثَةَ كِلاَبٍ، أي : مِنْ حِمِيرٍ، ومِنْ كِلاَبٍ، وقال أبو البقاء : وقيل : التقديرُ " ثَلاثَةَ أقْرَاءٍ مِنْ قُرُوءٍ " وهذا هو مذهبُ المبرِّد بعينِه، وإنما فسَّر معناه وأَوضحه.
قوله :﴿ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ ﴾ الجارُّ متعلَّقٌ بـ " يَحِلُّ " واللام للتبليغ، كهي في " قُلْتث لَكَ ".
قوله :﴿ مَا خَلَقَ الله ﴾ في " مَا " وجهان :
أظهرهما : أنَّها موصولة بمعنى " الَّذِي ".
والثاني : أنها نكرةٌ موصوفةٌ، وعلى كلا التقديرين، فالعائد محذوفٌ لاستكمال الشروط، والتقدير : ما خلقه، و" مَا " يجوز أن يراد بها الجنين، وهو في حكم غير العاقل، فلذلك أوقعت عليه " مَا " وأن يراد بها دم الحيض.
قوله :﴿ في أَرْحَامِهِنَّ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلَّق بـ " خَلَقَ ".
والثاني : أن يتعلَّق بمحذوفٍ ؛ على أنه حالٌ من عائد " مَا " المحذوف، التقدير : ما خلقه الله كائناً في أرحامهنَّ، قالوا : وهي حالٌ مقدَّرةٌ ؛ قال أبو البقاء :" لأَنَّ وقتَ خَلْقِه لَيْسَ بشيءٍ، حتَّى يَتِمَّ خَلْقُهُ "، وقرأ مُبَشِّر بن عبيدٍ :" في أَرْحَامِهُنَّ " و" بِرَدِّهُنَّ " بضمِّ هاء الكناية، وقد تقدَّم أنه الأصل، وأنه لغة الحجاز، وأنَّ الكسر لأجل تجانس الياء والكسرة.


الصفحة التالية
Icon