وقالت طائفة : إذا شهدت بيِّنة بفيْئته في حال العذر أجزأه ؛ قاله الحسن وعكرمة والنخعيّ، وبه قال الأُوزاعيّ. وقال النخعيّ أيضاً : يصح الفيء بالقول والإشهاد فقط، ويسقط حكم الإيلاء ؛ أرأيتَ إن لم ينتشر للوطء ؛ قال ابن عطية : ويرجع هذا القول إن لم يطأ إلى باب الضرر. وقال أحمد بن حنبل : إذا كان له عذر يَفِيءُ بقلبه ؛ وبه قال أبو قِلابة. وقال أبو حنيفة : إن لم يقدر على الجماع فيقول : قد فئت إليها. قال الكِيا الطبريّ : أبو حنيفة يقول فيمن آلَى وهو مريض وبينه وبينها مدّة أربعة أشهر، وهي رتقاء أو صغيرة أو هو مجبوب : إنه إذا فَاءَ إليها بلسانه ومضت المدّة والعذرُ قائمٌ فذلك فَيْءٌ صحيح ؛ والشافعيّ يخالفه على أحد مذهبيه. وقالت طائفة : لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره ؛ وكذلك قال سعيد بن جبير، قال : وكذلك إن كان في سفر أو سجن. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ١٠٩﴾
قوله تعالى ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما كان حالهم بعد ذلك مردداً بين تعالى قسميه فقال مفصلاً له ﴿فإن فاؤا﴾ أي رجعوا في الأشهر، وأعقبها عن المفاصلة إلى المواصلة، من الفيء وهو الرجوع إلى ما كان منه الانبعاث ﴿فإن الله﴾ يغفر لهم ما قارفوه في ذلك من إثم ويرحمهم بإنجاح مقاصدهم لأنه ﴿غفور رحيم﴾ له هاتان الصفتان ينظر بهما إلى من يستحقهما فيغفر ما في ذلك من جناية منهما أو من أحدهما إن شاء ويعامل بعد ذلك بالإكرام. قال الحرالي : وفي مورد هذا الخطاب بإسناده للأزواج ما يظافر معنى إجراء أمور النكاح على سترة وإعراض عن حكم الحكام من حيث جعل التربص له والفيء منه، فكأن الحكم من الحاكم إنما يقع على من هتك حرمة ستر أحكام الأزواج التي يجب أن تجري بين الزوجين من وراء ستر كما هو سر النكاح الذي هو سبب جمعهما ليكون حكم السر سراً وحكم الجهر جهراً - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٢٦﴾


الصفحة التالية
Icon