قال الفخر :
أما قوله :﴿فَإِن فَآءوا﴾ فمعناه فإن رجعوا، والفيء في اللغة هو رجوع الشيء إلى ما كان عليه من قبل، ولهذا قيل لما تنسخه الشمس من الظل ثم يعود : فيء، وفرق أهل العربية بين الفيء والظل، فقالوا : الفيء ما كان بالعشي، لأنه الذي نسخته الشمس والظل ما كان بالغداة لأنه لم تنسخه الشمس وفي الجنة ظل وليس فيها فيء، لأنه لا شمس فيها، قال الله تعالى :﴿وَظِلّ مَّمْدُودٍ﴾ [ الواقعة : ٣٠ ] وأنشدوا :
فلا الظل من برد الضحى يستطيعه.. ولا الفيء من برد العشي يذوق
وقيل : فلان سريع الفيء والفيئة حكاهما الفراء عن العرب، أي سريع الرجوع عن الغضب إلى الحالة المتقدمة وقيل : لما رده الله على المسلمين من مال المشركين فيء كأنه كان لهم فرجع إليهم فقوله :﴿فَإِن فَآءوا﴾ معناه فإن فرجعوا عما حلفوا عليه من ترك جماعها ﴿فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ للزوج إذا تاب من إضراره بامرأته كما أنه غفور رحيم لكل التائبين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٧٠﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿فإن الله غفور رحيم﴾ دليل الجواب، أي فحنثهم في يمين الإيلاء مغفور لهم ؛ لأن الله غفور رحيم.
وفيه إيذان بأن الإيلاء حرام، لأن شأن إيلائهم الوارد فيه القرآن، قصدُ الإضرار بالمرأة.
وقد يكون الإيلاء مباحاً إذا لم يقصد به الإضرار ولم تطل مدته كالذي يكون لقصد التأديب، أو لقصد آخر معتبر شرعاً، غير قصد الإضرار المذموم شرعاً.
وقد آلى النبي ﷺ من نسائه شَهْراً، قيل : لمرض كان برجله، وقيل : لأجل تأديبهن ؛ لأنهن قد لقين من سعة حلمه ورفقه ما حدا ببعضهن إلى الإفراط في الإدلال، وحمَل البقية على الاقتداء بالأخريات، أو على استحسان ذلك. والله ورسوله أعلم ببواطن الأمور.