قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فاعلم أن العزم عقد القلب على الشيء يقال عزم على الشيء يعزم عزماً وعزيمة، وعزمت عليك لتفعلن، أي أقسمت، والطلاق مصدر طلقت المرأة أطلق طلاقاً، وقال الليث : طلقت بضم اللام، وقال ابن الأعرابي : طلقت بضم اللام من الطلاق أجود، ومعنى الطلاق هو حل عقد النكاح بما يكون حلالاً في الشرع، وأصله من الإنطلاق، وهو الذهاب، فالطلاق عبارة عن انطلاق المرأة، فهذا ما يتعلق بتفسير لفظ الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٧٠﴾
وقال ابن عاشور :
وعَزم الطلاق : التصميم عليه، واستقرار الرأي فيه بعد التأمل وهو شيء لا يحصل لكل مُولٍ من تلقاء نفسه، وخاصة إذا كان غالب القصد من الإيلاء المغاضبة والمضارة، فقوله :﴿وإن عزموا الطلاق﴾ دليل على شرط محذوف، دل عليه قوله :﴿فإن فاءو﴾ فالتقدير : وإن لم يفيئوا فقد وجب عليهم الطلاق، فهم بخير النظرين بين أن يفيئوا أو يطلقوا فإن عزموا الطلاق فقد وقع طلاقهم.
وقوله ﴿فإن الله سميع عليم﴾ دليل الجواب، أي فقد لزمهم وأمضى طلاقهم، فقد حد الله للرجال في الإيلاء أجلاً محدوداً، لا يتجاوزونه، فإما أن يعودوا إلى مضاجعة أزواجهم، وإما أن يطلقوا، ولا مندوحة لهم غير هذين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٨٦﴾
فائدة
قوله تعالى :﴿وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
قال ابن عرفة : جواب الشرط مقدر، أي ارتفع حكم الإيلاء ( عنهم ).
قال الزمخشري : فإن قلت : العزم من أعمال القلب فيكف عقبه بالسّمع وهو من لوازم الأقوال لا الأفعال.
قال ابن عرفة : وهذا ( السؤال ) لا يوافق أصله فإنه يرد صفة السمع لصفة العلم فلا فرق عنده بين السميع والعليم وأيضا فهو ينفي الكلام النفسي.
وأجاب الزمخشري : بأنّ العازم على الطلاق لا يخلو من مقاولة ودمدمة.


الصفحة التالية
Icon