وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءِ حَالِ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي إيجَابِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ.
وَأَيْضًا سَائِرُ الْأَيْمَانِ الْمَعْقُودَةِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حُكْمُ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَتَعَلَّقَانِ بِالْيَمِينِ.
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجْعَةِ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْإِيلَاءُ، وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْجَمِيعِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ " إنَّهُ إذَا قَصَدَ ضِرَارَهَا بِيَمِينٍ عَلَى الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ " فَلَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ لَا خِلَافَ أَنَّهُ قَدْ أَضْمَرَ فِيهِ الْيَمِينَ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ، لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى
تَرْكِ جِمَاعِهَا مُولٍ، فَتَرْكُ الْجِمَاعِ مُضْمَرٌ فِي الْآيَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَأَثْبَتْنَاهُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى إضْمَارِهِ فِي الْآيَةِ فَلَمْ يُضْمِرْهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ قَوْلُهُ :﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَيْءِ هُوَ الْجِمَاعُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ :﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ هُوَ الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ.


الصفحة التالية
Icon