وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفَيْءُ فِي الْمُدَّةِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى صِحَّةِ الْفَيْءِ فِيهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ فِيهَا، فَصَارَ تَقْدِيرُهُ :" فَإِنْ فَاءُوا فِيهَا " وَكَذَلِكَ قُرِئَ فِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ؛ فَحَصَلَ الْفَيْءُ مَقْصُورًا عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا، وَتَمْضِي الْمُدَّةُ بِفَوْتِ الْفَيْءِ، وَإِذَا فَاتَ الْفَيْءُ حَصَلَ الطَّلَاقُ.
فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا قَالَ تَعَالَى :﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا ﴾ فَعَطَفَ بِالْفَاءِ عَلَى التَّرَبُّصِ فِي الْمُدَّةِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ مَشْرُوطٌ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَبَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَأَنَّهُ مَتَى مَا فَاءَ فَإِنَّمَا عَجَّلَ حَقَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تَعْجِيلُهُ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا.
قِيلَ لَهُ : لَوْلَا أَنَّ الْفَيْءَ مُرَادُ
اللَّهِ تَعَالَى لَمَا صَحَّ وُجُودُهُ فِيهَا وَكَانَ يَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا الْفَيْءِ إلَى فَيْءٍ بَعْدَ مُضِيِّهَا، فَلَمَّا صَحَّ الْفَيْءُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ بِالْآيَةِ، وَلِذَلِكَ بَطَلَ مَعَهُ عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ.


الصفحة التالية
Icon