الحجة الثالثة : ما روينا في سبب نزول هذه الآية، إنها إنما نزلت بسبب امرأة شكت إلى عائشة رضي الله عنها أن زوجها يطلقها ويراجعها كثيراً بسبب المضارة، وقد أجمعوا على أن سبب نزول الآية لا يجوز أن يكون خارجاً عن عموم الآية، فكان تنزيل هذه الآية على هذا المعنى أولى من تنزيلها على حكم آخر أجنبي عنه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٨٢ ـ ٨٤﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
التعريف في قوله ( الطلاق ) تعريف الجنس على ما هو المتبادر في تعريف المصادر وفي مساق التشريع، فإن التشريع يقصد بيان الحقائق الشرعية، نحو قوله :﴿وأحل الله البيع﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] وقوله :﴿وإن عزموا الطلاق﴾ [ البقرة : ٢٢٧ ] وهذا التعريف هو الذي أشار صاحب " الكشاف" إلى اختياره، فالمقصود هنا الطلاق الرجعي الذي سبق الكلام عليه آنفاً في قوله :﴿وبعولتهن أحق بردهن في ذلك﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] فإنه الطلاق الأصلي، وليس في أصل الشريعة طلاق بائن غير قابل للمراجعة لذاته، إلاّ الطلقة الواقعة ثالثة، بعد سبق طلقتين قبلها فإنها مبينة بعدُ وأما ما عداها من الطلاق البائن الثابت بالسنة، فبينونته لحق عارض كحق الزوجة فيما تعطيه من مالها في الخلع، ومثل الحق الشرعي في تطليق اللعان، لمظنة انتفاء حسن المعاشرة بعد أن تَلاعنا، ومثل حق المرأة في حكم الحاكم لها بالطلاق للإضرار بها، وحُذف وصف الطلاق، لأن السياق دال عليه، فصار التقدير : الطلاق الرجعي مرتان.
وقد أخبر عن الطلاق بأنه مرتان، فعلم أن التقدير : حق الزوج في إيقاع التطليق الرجعي مرتان، فأما الطلقة الثالثة فليست برجعيّة.