وقد دل على هذا قوله تعالى بعد ذِكر المرتين :﴿فإمساك بمعروف﴾ وقوله بعدهُ :﴿فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره﴾ [ البقرة : ٢٣٠ ] الآية وقد روي مثل هذا التفسير عن النبي ﷺ روي أبو بكر بن أبي شيبة :" أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ فقال أرأيت قول الله تعالى :﴿الطلاق مرتان﴾ فأين الثالثة فقال رسول الله عليه السلام : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " وسؤال الرجل عن الثالثة، يقتضي أن نهاية الثلاث كانت حكماً معروفاً إِما من السنة وإِما من بقية الآية، وإنما سأل عن وجه قوله ( مرتان ) ولما كان المراد بيان حكم جنس الطلاق، باعتبار حصوله من فاعله، وهو إنما يحصل من الأزواج كان لفظ الطلاق آيلاً إلى معنى التطليق، كما يؤول السلام إلى معنى التسليم.
وقوله ﴿مرتان﴾، تثنية مرة، والمرة في كلامهم الفعلة الواحدة من موصوفها أو مضافها، فهي لا تقع إلا جارية على حدث، بوصف ونحوه، أو بإضافة ونحوها، وتقع مفردة، ومثناة، ومجموعة، فتدل على عدم تكرر الفعل، أو تكرر فعله تكرراً واحداً، أو تكرره تكرراً متعدداً، قال تعالى :﴿سنعذبهم مرتين﴾ [ التوبة : ١٠١ ] وتقول العرب " نهيتك غير مرة فلم تنته" أي مراراً، وليس لفظ المرة بمعنى الواحدة من الأشياء الأعيان، ألا ترى أنك تقول : أعطيتك درهماً مرتين، إذا أعطيته درهماً ثم درهما، فلا يفهم أنك أعطيته درهمين مقترنين، بخلاف قولك أعطيتك درهمين.