فقوله تعالى :﴿الطلاق مرتان﴾ يفيد أن الطلاق الرجعي شرع فيه حق التكرير إلى حد مرتين، مرة عقب مرة أخرى لا غير، فلا يتوهم منه في فهم أهل اللسان أن المراد : الطلاق لا يقع إلا طلقتين مقترنتين لا أكثر ولا أقل، ومن توهم ذلك فاحتاج إلى تأويل لدفعه فقد أبعد عن مجاري الاستعمال العربي، ولقد أكثر جماعة من متعاطي التفسير الاحتمالات في هذه الآية والتفريع عليها، مدفوعين بأفهام مولدة، ثم طبقوها على طرائق جدلية في الاحتجاج لاختلاف المذاهب في إثبات الطلاق البدعي أو نفيه، وهم في إرخائهم طِوَل القول ناكبون عن معاني الاستعمال، ومن المحققين من لم يفته المعنى ولم تف به عبارته كما وقع في " الكشاف".
ويجوز أن يكون تعريف الطلاق تعريف العهد، والمعهود هو ما يستفاد من قوله تعالى :﴿والمطلقات يتربصن إلى قوله وبعولتهن أحق بردهن﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] فيكون كالعهد في تعريف الذَّكَر في قوله تعالى :﴿وليس الذكر كالأنثى﴾ [ آل عمران : ٣٦ ] فإنه معهود مما استفيد من قوله :﴿إني نذرت لك ما في بطني﴾ [ آل عمران : ٣٥ ].
وقوله :﴿فإمساك بمعروفٍ﴾ جملة مفرعة على جملة ﴿الطلاق مرتان﴾ فيكون الفاء للتعقيب في مجرد الذكر، لا في وجود الحكم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٠٤ ـ ٤٠٥﴾
فائدة
قال ابن الجوزى :
الطلاق على أربعة أضرب :
واجب، ومندوب إليه، ومحظور، ومكروه.
فالواجب : طلاق المؤلي بعد التربص، إذا لم يفئ، وطلاق الحكمين في شقاق الزوجين، إذا رأيا الفرقة.
والمندوب : إذا لم يتفقا، واشتدَّ الشقاق بينهما، ليتخلصا من الإثم.
والمحظور : في الحيض، إذا كانت مدخولاً بها، وفي طهر جامعها فيه قبل أن تطهر.
والمكروه : إذا كانت حالهما مستقيمة، وكل واحد منهما قيم بحق صاحبه. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٢٦٤﴾


الصفحة التالية
Icon