الحجة الثالثة : روى أبو داود في " سننه" عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس لما اختلعت منه جعل النبي ﷺ عدتها حيضة، قال الخطابي : وهذا أدل شيء على أن الخلع فسخ وليس بطلاق، لأن الله تعالى قال :﴿والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثلاثة قُرُوء﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] فلو كانت هذه مطلقة لم يقتصر لها على قرء واحد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٨٨ ـ ٨٩﴾
وقال ابن عاشور :
والحق أن الآية صريحة في تحريم أخذ العوض عن الطلاق إلا إذا خيف فساد المعاشرة بألا تحب المرأة زوجها، فإن الله أكد هذا الحكم إذ قال :﴿إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله﴾ لأن مفهوم الاستثناء قريب من الصريح في أنهما إن لم يخافا ذلك لا يحل الخلع، وأكده بقوله :﴿فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما أفتدت به﴾ فإن مفهومه أنهما إن لم يخافا ذلك ثبت الجناح، ثم أكد ذلك كله بالنهي بقوله : تلك حدود الله فلا تعتدوها ثم بالوعيد بقوله :﴿ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون﴾ وقد بين ذلك كله قضاء رسول الله ﷺ بين جميلة بنت أو أخت عبد الله بن أبي بن سلول، وبين زوجها ثابت بن قيس بن شماس ؛ إذ قالت له يا رسول الله لا أنا ولا ثابت، أو لا يجمع رأسي ورأس ثابت شيء، والله ما أعتب عليه في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضاً فقال لها النبي ﷺ " أتردين عليه حديقته التي أصدقك " قالت " نعم وأزيده" زاد في رواية قال :" أما الزائد فلا " وأجاب الجمهور بأن الآية لم تذكر قوله :﴿إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله﴾ على وجه الشرط بل لأنه الغالب من أحوال الخلع، ألا يُرى قوله تعالى :﴿فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئاً مريئاً﴾ [ النساء : ٤ ] هكذا أجاب المالكية كما في " أحكام ابن العربي"، و" تفسير القرطبي".