ولما أكد الأمر تارة بالبيان وتارة بالنهي زاد في التأكيد بالتهديد فقال عاطفاً على ما تقديره : فمن تعدى شيئاً منها فقد ظلم :﴿ومن يتعد﴾ أي يتجاوز ﴿حدود الله﴾ أي المحيط بصفات الكمال التي بينها وأكد أمرها وزاد تعظيمها بتكرير اسمه الأعظم. قال الحرالي : ففيه ترجية فيما يقع من تعدي الحدود من دون ذلك من حدود أهل العلم ووجوه السنن وفي إعلامه إيذان بأن وقوع الحساب يوم الجزاء على حدود القرآن التي لا مندوحة لأحد بوجه من وجوه السعة في مخالفتها ولذلك تتحقق التقوى والولاية مع الأخذ بمختلفات السنن ومختلفات أقوال العلماء - انتهى. وإليه يرشد الحصر في قوله :﴿فأولئك﴾ أي المستحقون للابعاد ﴿هم الظالمون﴾ أي العريقون في الظلم بوضع الأشياء في غير مواضعها فكأنهم يمشون في الظلام. قال الحرالي : وفي إشعاره تصنيف الحدود ثلاثة أصناف : حد الله سبحانه وتعالى، وحد النبي ﷺ، وحد العالم ؛ قال ﷺ :" ما جاء من الله فهو الحق، وما جاء مني فهو السنة، وما جاء من أصحابي فهو السعة " فأبرأ العباد من الظلم من حافظ على أن لا يخرج عن حدود العلماء ليكون أبعد أن يخرج من حدود السنة ليكون أبعد أن يخرج من حدود الكتاب، فالظالم المنتهي ظلمه الخارج عن الحدود الثلاثة : حد العالم، وحد السنة، وحد الله - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٣٢ ـ ٤٣٣﴾
قال الفخر :