فقد قال الشافعي وأبو ثور وأحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه وجماعة من أهل الظاهر : إن جمع الثلاث سنة واحتجوا عليه بقوله تعالى :﴿فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ] ولم يفرق بين أن تكون الثلاث مجموعة أو مفرقة ولا يجوز أن نفرق بين ما جمع الله بينه كما لا نجمع بين ما فرق الله بينه وقال تعالى :﴿وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن﴾ [ البقرة : ٢٢٧ ] ولم يفرق وقال :﴿لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن﴾ الآية ولم يفرق وقال :﴿وللمطلقات متاع بالمعروف﴾ [ البقرة : ٢٤١ ] وقال :﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ] ولم يفرق قالوا : وفي الصحيحين أن عويمرا العجلاني طلق امرأته ثلاثا بحضرة رسول الله ﷺ قبل أن يأمره بطلاقها قالوا : فلو كان جمع الثلاث معصية لما أقر عليه رسول الله ﷺ ولا يخلو طلاقها أن يكون قد وقع وهي امرأته أو حين حرمت عليه باللعان فإن كان الأول فالحجة منه ظاهرة وإن كان الثاني فلا شك أنه طلقها وهو يظنها امرأته فلو كان حراما لبينها له رسول الله ﷺ وإن كانت قد حرمت عليه قالوا : وفي صحيح البخاري من حديث القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلقت فسئل رسول الله ﷺ أتحل للأول ؟ قال :[ لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول ] فلم ينكر ﷺ ذلك وهذا يدل على إباحة جمع الثلاث وعلى وقوعها إذ لو لم تقع لم يوقف رجوعها إلى الأول على ذوق الثاني عسيلتها


الصفحة التالية
Icon