قوله تعالى :﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما كان المعروف يعم كل خير وكان الأمر به لا يفيد التكرار خص ترك الشر اهتماماً به معبراً بما يتناول جميع الأوقات فقال :﴿ولا تمسكوهن﴾ أي بالمراجعة في آخر العدة ﴿ضراراً﴾ كما كان في الجاهلية ﴿لتعتدوا﴾ أي قاصدين بذلك التوصل إلى شيء من مجاوزة الحدود التي بينت لكم مثل أن يريد تطويل العدة عليها فإنه قد يفضي إلى اعتدادها تسعة أشهر.
ولما كان التقدير : فمن يفعل ذلك فقد ظلم زوجه عطف عليه زيادة في التنفير عنه قوله :﴿ومن يفعل ذلك﴾ أي الفعل البعيد عن الخير، وفي التعبير بالمضارع إشعار بأن في الأمة من يتمادى على فعله ﴿فقد ظلم نفسه﴾ أي بتعريضها لسخط الله عليه ونفرة الناس منه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٣٦﴾
سؤال : لقائل أن يقول : فلا فرق بين أن يقول :﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ وبين قوله :﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا﴾ لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده فما الفائدة في التكرار ؟.
والجواب : الأمر لا يفيد إلا مرة واحدة، فلا يتناول كل الأوقات، أما النهي فإنه يتناول كل الأوقات، فلعله يمسكها بمعروف في الحال، ولكن في قلبه أن يضارها في الزمان المستقبل، فلما قال تعالى :﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا﴾ اندفعت الشبهات وزالت الاحتمالات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٩٤﴾
قال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon