فالمخاطبون بهذه الآيات محذرون أن يجعلوا حكم الله في العدة، الذي قصد منه انتظار الندامة وتذكر حسن المعاشرة، لعلهما يحملان المطلق على إمساك زوجته حرصاً على بقاء المودة والرحمة، فيغيروا ذلك ويجعلوه وسيلة إلى زيادة النكاية، وتفاقم الشر والعداوة.
وفي " الموطأ" أن رجلاً قال لابن عباس : إني طلقت امرأتي مائة طلقة فقال له ابن عباس " بانت منك بثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزؤاً" يريد أنه عمد إلى ما شرعه الله من عدد الطلاق، بحكمة توقع الندامة مرة أولى وثانية، فجعله سبب نكاية وتغليظ، حتى اعتقد أنه يضيق على نفسه المراجعة إذ جعله مائة.
أهـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٢٤﴾
وقال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيات الله هُزُوًا﴾ ففيه وجوه الأول : أن من نسي فلم يفعله بعد أن نصب نفسه منصب من يطيع ذلك الأمر، يقال فيه أنه استهزأ بهذا الأمر ويلعب به، فعلى هذا كل من أمر بأنه تجب عليه طاعة الله وطاعة رسوله، ثم وصلت إليه هذه التكاليف التي تقدم ذكرها في العدة والرجعة والخلع وترك المضارة فلا يتشمر لأدائها، كان كالمستهزىء بها، وهذا تهديد عظيم للعصاة من أهل الصلاة
وثانيها : المراد : ولا تتسامحوا في تكاليف الله كما يتسامح فيما يكون من باب الهزل والعبث
والثالث : قال أبو الدرداء : كان الرجل يطلق في الجاهلية، ويقول : طلقت وأنا لاعب، ويعتق وينكح، ويقول مثل ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقرأها رسول الله ﷺ، وقال :" من طلق، أو حرر، أو نكح، فزعم أنه لاعب فهو جد "


الصفحة التالية
Icon