والرابع : قال عطاء : المعنى أن المستغفر من الذنب إذا كان مصراً عليه أو على مثله، كان كالمستهزىء بآيات الله تعالى، والأقرب هو الوجه الأول، لأن قوله :﴿وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيات الله هُزُوًا﴾ تهديد، والتهديد إذا ذكر بعد ذكر التكاليف كان ذلك التهديد تهديداً على تركها، لا على شيء آخر غيرها أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٩٤ ـ ٩٥﴾
وقال أبو حيان :
قال ابن عطية، المراد آياته النازلة في الأوامر والنواهي، وخصها الكلبي بقوله :﴿فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾ ﴿ولا تمسكوهنّ﴾.
وقال الحسن : نزلت هذه الآية فيمن طلق لاعباً أو هازلاً، أو راجع كذلك، والذي يظهر أنه تعالى لما أنزل آيات تضمنت الأمر والنهي في النكاح، وأمر الحيض والإيلاء، والطلاق والعدة، والرجعة والخلع، وترك المعاهدة، وكانت هذه أحكامها جارية بين الرجل وزوجته، وفيها إيجاب حقوق للزوجة على الزوج، وله عليها، وكان من عادة العرب عدم الاكتراث بأمر النساء والاغتفال بأمر شأنهن، وكنّ عندهم أقل من أن يكون لهنّ أمر أو حق على الزوج، فأنزل الله فيهنّ ما أنزل من الأحكام، وحدّ حدوداً لا تتعدى، وأخبرهم أن من خالف فهو ظالم متعدٍّ، أكد ذلك بالنهي عن اتخاذ آيات الله، التي منها هذه الآيات النازلة في شأن النساء، هزؤاً، بل تؤخذ وتتقبل بجد واجتهاد، لأنها من أحكام الله، فلا فرق بينها وبين الآيات التي نزلت في سائر التكاليف التي بين العبد وربه، وبين العبد والناس. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢١٩﴾
قال القرطبى :
﴿وَلاَ تتخذوا آيَاتِ الله هُزُواً﴾. قال علماؤنا :
والأقوال كلها داخلة في معنى الآية ؛ لأنه يُقال لمن سخر من آيات الله : اتخذها هزواً. ويُقال ذلك لمن كفر بها، ويُقال ذلك لمن طرحها ولم يأخذ بها وعمل بغيرها ؛ فعلى هذا تدخل هذه الأقوال في الآية.
وآيات الله : دلائله وأمره ونهيه.


الصفحة التالية
Icon