ولا خلاف بين العلماء أن من طلق هازلاً أن الطلاق يلزمه، واختلفوا في غيره على ما يأتي بيانه في " براءة" إن شاء الله تعالى. وخرّج أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :" ثلاث جِدّهن جِدّ وهزلِهن جِدّ النكاح والطلاق والرّجعة "
وروي عن عليّ بن أبي طالب وابن مسعود وأبي الدّرداء كلهم قالوا : ثلاث لا لعب فيهنّ واللاعب فيهنّ جادّ : النكاح والطلاق والعِتاق.
وقيل : المعنى لا تتركوا أوامر الله فتكونوا مقصرين لاعبين. ويدخل في هذه الآية الاستغفار من الذنب قولاً مع الإصرار فعلاً ؛ وكذا كل ما كان في هذا المعنى فاعلمه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ١٥٧﴾
فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ﴾ الآية.
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بالنهي عن إمساك المرأة مضارة لها. لأجل الاعتداء عليها بأخذه ما أعطاها. لأنها إذا طال عليها الإضرار افتدت منه. ابتغاء السلامة من ضرره. وصرح في موضع آخر بأنها إذا أتت بفاحشة مبينة جاز له عضلها، حتى تفتدى منه وذلك في قوله تعالى :﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ُلِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ [ النساء : ١٩ ] واختلف العلماء في المراد بالفاحشة المبينة.
فقال جماعة منهم هي : الزنا، وقال قوم هي : النشوز والعصيان وبذاء اللسان. والظاهر شمول الآية للكل كما اختاره ابن جرير.
وقال ابن كثير : إنه جيد، فإذا زنت أو أساءت بلسانها، أو نشزت جازت مضاجرتها. لتفتدي منه بما أعطاها على ما ذكرنا من عموم الآية. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ١٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon