و : الكتاب، القرآن، و : الحكمة، هي السنة التي بها كمال الأحكام التي لم يتضمنها القرآن، والمبينة ما فيه من الإجمال. ودل هذا على أن السنة أنزلها الله على رسوله ﷺ، كما قال تعالى :﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحي يوحى﴾
وقيل : وفي ظاهره رد على من زعم أن له الحكم بالاجتهاد، لأن ما يحكم به من السنة ينزل من الله عليه، فلا اجتهاد، وذكر : النعم، لا يراد به سردها على اللسان، وإنما المراد بالذكر الشكر عليها، لأن ذكر المسلم النعمة سبب لشكرها، فعبر بالسبب عن المسبب، فإن أريد بالنعمة المنعم به فيكون : عليكم، في موضع الحال، فيتعلق بمحذوف، أي : كائنة عليكم، ويكون في ذلك تنبيه على أن نعمته تعالى منسحبة علينا، قد استعلت وتجللت وصارت كالظلة لنا، وإن أريد بالنعمة الإنعام فيكون : عليكم، متعلقاً بلفظ النعمة، ويكون إذ ذاك مصدراً من : أنعم، على غير قياس، كنبات من أنبت. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢١٩﴾
وقال السعدى :
﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ عموما باللسان ثناء وحمدا، وبالقلب اعترافا وإقرارا، وبالأركان بصرفها في طاعة الله، ﴿وَمَا أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ﴾ أي : السنة اللذين بيّن لكم بهما طرق الخير ورغبكم فيها، وطرق الشر وحذركم إياها، وعرفكم نفسه ووقائعه في أوليائه وأعدائه، وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون.
وقيل : المراد بالحكمة أسرار الشريعة، فالكتاب فيه، الحكم، والحكمة فيها، بيان حكمة الله في أوامره ونواهيه، وكلا المعنيين صحيح، ولهذا قال ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي : بما أنزل عليكم، وهذا مما يقوي أن المراد بالحكمة، أسرار الشريعة، لأن الموعظة ببيان الحكم والحكمة، والترغيب، أو الترهيب، فالحكم به، يزول الجهل، والحكمة مع الترغيب، يوجب الرغبة، والحكمة مع الترهيب يوجب الرهبة. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١٠٣﴾
وقال الآلوسى :


الصفحة التالية
Icon