﴿واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ﴾ أي قابلوها بالشكر والقيام بحقوقها والنعمة إمّا عامة فعطف ﴿وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم﴾ عليها من عطف الخاص على العام، وإمّا أن تخص بالإسلام ونبوّة محمد ﷺ وخصا بالذكر ليناسب ما سبقه، وليدل على أن ما كانوا عليه من الإمساك إضراراً من سنن الجاهلية المخالفة، كأنه لما قيل : جدّوا في العمل بالآيات على طريق الكناية أكد ذلك بأنه شكر النعمة فقوموا بحقه، ويكون العطف تأكيداً على تأكيد لأن الإسلام ونبوّة محمد ﷺ يشملان إنزال الكتاب والسنة وهو قريب من عطف التفسير ولا بأس أن يسمى عطف التقرير، قيل : ولو عمم النعمة لم يحسن موقعه هذا الحسن، ولا يخفى أنه في حيز المنع، والظرف الأوّل متعلق بمحذوف وقع حالاً من نعمة أو صفة لها على رأي من يجوّز حذف الموصول مع بعض الصلة، ويجوز أن يتعلق بنفسها إن أريد بها الإنعام لأنها اسم مصدر كنبات من أنبت ولا يقدح في عمله تاء التأنيث لأنه مبني عليها كما في قوله :
فلولا رجاء النصر منك وهيبة... عقابك قد كانوا لنا كالموارد
والظرف الثاني متعلق بما عنده وأتى به تنبيهاً للمأمورين وتشريفاً لهم، و﴿مَا﴾ موصولة حذف عائدها من الصلة، و﴿مِنْ﴾ في قوله تعالى :﴿مّنَ الكتاب والحكمة﴾ بيانية، والمراد بهما القرآن الجامع للعنوانين، أو القرآن والسنة، والإفراد بالذكر بعد الاندراج في المذكور إظهاراً للفضل وإيماءاً إلى أن الشرف وصل إلى غاية لا يمكن معها الاندراج، وذاك من قبيل :
فإن تفق الأنام وأنت منهم... فإن المسك بعض دم الغزال
أهـ ﴿روح المعانى حـ ٢ صـ ١٤٤﴾
وقال ابن عاشور :