في هذه الآية دليل لمالكٍ على أن الحضانة للأُم ؛ فهي في الغلام إلى البلوغ، وفي الجارية إلى النكاح ؛ وذلك حق لها، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعيّ : إذا بلغ الولد ثمان سنين وهو سنّ التمييز، خُيِّر بين أبويْه، فإنه في تلك الحالة تتحرّك همته لتعلم القرآن والأدب ووظائف العبادات، وذلك يستوي فيه الغلام والجارية. وروَى النسائيّ وغيره عن أبي هريرة " أن امرأة جاءت إلى النبيّ ﷺ فقالت له : زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال له النبيّ ﷺ :" هذا أبوك وهذه أُمّك فخذ أيهما شئت" فأخذ بيد أُمّه " وفي كتاب أبي داود عن أبي هريرة قال :" جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ وأنا قاعد عنده فقالت : يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنَبَة، وقد نفعني، فقال النبيّ ﷺ :" ١٦٤٩; اسْتَهِما عليه" فقال زوجها : من يحاقّنِي في ولدي! فقال النبيّ ﷺ :" هذا أبوك وهذه أُمك فخذ بيد أحدهما شئت" فأخذ بيد أُمّه فانطلقت به " ودليلنا ما رواه أبو داود عن الأُوزاعيّ قال : حدّثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو " أن امرأة جاءت إلى النبيّ ﷺ فقالت : يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وِعاءً، وثديي له سِقاءً، وحِجري له حِواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني ؛ فقال لها رسول الله ﷺ :" أنت أحق به ما لم تنكحي" " قال ابن المنذر : أجمع كل من يُحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد أن الأُمّ أحق به ما لم تنكح. وكذا قال أبو عمر : لا أعلم خلافاً بين السلف من العلماء في المرأة المطلقة إذا لم تتزوّج أنها أحق بولدها من أبيه ما دام طفلاً صغيراً لا يميز شيئاً إذا كان عندها في حِرز وكفاية ولم يثبت فيها فسق ولا تبرج.


الصفحة التالية
Icon