ثم اختلفوا بعد ذلك في تخييره إذا ميز وعقل بين أبيه وأُمه وفيمن هو أولى به ؛ قال ابن المنذر : وثبت أن النبيّ ﷺ قضى في ابنة حمزة للخالة من غير تخيير. روى أبو داود عن عليّ قال :" خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدِم بابنة حمزة، فقال جعفر : أنا آخذها أنا أحقّ بها، ابنة عمي وخالتها عندي والخالة أُمّ. فقال عليّ : أنا أحق بها، ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله ﷺ، وهي أحق بها. فقال زيد : أنا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت وقدمت بها. فخرج النبيّ ﷺ فذكر حديثاً قال :" وأما الجارية فأقضِي بها لجعفر تكون مع خالتها وإنما الخالة أُمّ" ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ١٦٤ ـ ١٦٥﴾
قوله تعالى :﴿لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا﴾
" فوائد لغوية "
قال ابن عاشور :
الوسع، بتثليث الواو : الطاقة، وأصله من وسع الإناء الشيء إذا حواه ولم يبق منه شيء، وهو ضد ضاق عنه، والوسع هو ما يسعه الشيء فهو بمعنى المفعول، وأصله استعارة ؛ لأن الزمخشري في " الأساس" ذكر هذا المعنى في المجاز، فكأنهم شبهوا تحمل النفس عملاً ذا مشقة باتساع الظرف للمحوي، لأنهم ما احتاجوا لإفادة ذلك إلاّ عند ما يتوهم الناظر أنه لا يسعه، فمن هنا استعير للشاق البالغ حد الطاقة.
فالوسع إن كان بكسر الواو فهو فعل بمعنى مفعول كذبح، وإن كان بضمها فهو مصدر كالصلح والبرء صار بمعنى المفعول، وإن كان بفتحها فهو مصدر كذلك بمعنى المفعول كالخلق والدرس والتكليف بما فوق الطاقة منفي في الشريعة.