قوله تعالى :﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾
المناسبة
قال البقاعى :
ولما كانت نتيجة ذلك حصول النفع ودفع الضر قال :﴿لا تضآر والدة بولدها﴾ أي لا تضر المنفق به ولا يضرها، وضم الراء ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب على الخير وهو آكد، وفتح الباقون على النهي، ويحتمل فيها البناء للفاعل والمفعول ﴿ولا مولود له بولده﴾ أي المولود على فراشه ليس له أن يضر الوالدة به وليس لها أن تضره به ولا أن تضر الولد بتفريط ونحوه حملاً للمفاعلة على الفعل المجرد، وكل من أسند سبحانه وتعالى المضارة إليه أضاف إليه الولد استعطافاً له عليه وتحريكاً لطبعه إلى مزيد نفعه. قال الحرالي : ففيه إيذان بأن لا يمنع الوالد الأم أن ترضع ولدها فيضرها في فقدها له ولا يسيء معاملتها في رزقها وكسوتها بسبب ولدها، فكما لم يصلح أن يمسكها زوجة إلا بمعروف لم يصلح أن يسترضعها إلا بالمعروف ولا يتم المعروف إلا بالبراءة من المضارة. وفي إشعاره تحذير الوالدات من ترك أولادهن لقصد الإضرار مع ميل الطبع إلى القيام بهم وكذلك في إشعاره أن لا تضره في سرف رزق ولا كسوة - انتهى.
ولما تم الأمر بالمعروف وما تبعه من تفسيره وكان ذلك على تقدير وجود الوالد إذ ذاك بين الحال بعده فقال :﴿وعلى الوارث﴾ أي وارث الوالد وهو الرضيع ﴿مثل ذلك﴾ أي المأمور به من المعروف على ما فسره به في ماله إن مات والده والوارث. قال الحرالي : المتلقى من الأحياء عن الموتى ما كان لهم من حق أو مال - انتهى. وقيل في الوارث غير ذلك لأنه تقدم ذكر الوالدات والولد والمولود له فاحتمل أن يضاف الوارث إلى كل منهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٤٠﴾
فائدة


الصفحة التالية
Icon