قوله تعالى :﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ محمول في هذه الآية على انقضاء العدة، قال الشافعي رضي الله عنه : دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين، ومعنى هذا الكلام أنه تعالى قال في الآية السابقة :﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ ولو كانت عدتها قد انقضت لما قال :﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ لأن إمساكها بعد انقضاء العدة لا يجوز، ولما قال :﴿أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ لأنها بعد انقضاء العدة تكون مسرحة فلا حاجة إلى تسريحها، وأما هذه الآية التي نحن فيها فالله تعالى نهى عن عضلهن عن التزوج بالأزواج، وهذا النهي إنما يحسن في الوقت الذي يمكنها أن تتزوج فيه بالأزواج، وذلك إنما يكون بعد انقضاء العدة، فهذا هو المراد من قول الشافعي رضي الله عنه، دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ ـ ٩٨﴾
" فوائد لغوية "
قال ابن عاشور :
العضل : المنع والحبس وعدم الانتقال، فمنه عضَّلت المرأة بالتشديد إذا عسرت ولادتها وعضَّلت الدجاجة إذا نشب بيضها فلم يخرج، والمعاضلة في الكلام : احتباس المعنى حتى لا يبدو من الألفاظ، وهو التعقيد، وشاع في كلام العرب في منع الولي مولاته من النكاح.
وفي الشرع هو المنع بدون وجه صلاح، فالأب لا يعد عاضلاً برد كفء أو اثنين، وغير الأب يعد عاضلاً برد كفء واحد.
وإسناد النكاح إلى النساء هنا لأنه هو المعضول عنه، والمراد بأزواجهن طالبو المراجعة بعد انقضاء العدة، وسماهن أزواجاً مجازاً باعتبار ما كان، لقرب تلك الحالة، وللإشارة إلى أن المنع ظلم ؛ فإنهم كانوا أزواجاً لهن من قبل، فهم أحق بأن يُرَجَّعن إليهم.