﴿أو أكننتم في أنفسكم﴾ أي : أخفيتم في أنفسكم من أمر النكاح فلم تعرضوا به ولم يصرّحوا بذكر، وكان المعنى رفع الجناح عمن أظهر بالتعريض أو ستر ذلك في نفسه، وإذا ارتفع الحرج عمن تعرض باللفظ فأحرى أن يرتفع عمن كتم، ولكنهما حالة ظهور وإخفاء عفى عنهما، وقيل : المعنى أنه يعقد قلبه على أنه سيصرّح بذلك في المستقبل بعد انقضاء العدة، فأباح الله التعريض، وحرم التصريح في الحال، وأباح عقد القلب على التصريح في المستقبل.
ولا يجوز أن يكون الإكنان في النفس هو الميل إلى المرأة، لأنه كان يكون من قبيل إيضاح الواضحات، لأن التعريض بالخطبة أعظم حالاً من ميل القلب.
﴿علم الله أنكم ستذكرونهن﴾ هذا عذر في التعريض، لأن الميل متى حصل في القلب عسر دفعه، فأسقط الله الحرج في ذلك، وفيه طرف من التوبيخ، كقوله :" علم الله أنكم كنتم تختانون " وجاء الفعل بالسين التي تدل على تقارب الزمان المستقبل لا تراخيه، لأنهن يذكرن عندما انفصلت حبالهن من أزواجهن بالموت، وتتوق إليهن الأنفس، ويتمنى نكاحهن.
وقال الحسن، معنى : ستذكرونهن، كأنه قال : إن لم تنهوا. انتهى.
وقوله : ستذكرونهن، شامل لذكر اللسان وذكر القلب، فنفى الحرج عن التعريض وهو كسر اللسان، وعن الإخفاء في النفس وهو ذكر القلب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٢٣٦﴾
فائدة
قال ابن عاشور :