وَلَمْ يُقَدِّرْ أَصْحَابُنَا لَهَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ وَلَا يَقْصُرُ عَنْهُ، وَقَالُوا :( هِيَ عَلَى قَدْرِ الْمُعْتَادِ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ) وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُمْ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارٌ، وَالْإِزَارُ هُوَ الَّذِي تَسْتَتِرُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ عِنْدَ الْخُرُوجِ.
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ السَّلَفِ فِي مِقْدَارِهَا أَقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا غَلَبَ فِي رَأْيِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
ثم قال رحمه الله :
وَهَذِهِ الْمَقَادِيرُ كُلُّهَا صَدَرَتْ عَنْ اجْتِهَادِ آرَائِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِيهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَوْضُوعَةٌ عَلَى مَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَأَرْوَشِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَقَادِيرُ مَعْلُومَةٌ فِي النُّصُوصِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٢ صـ ١٤٣ ـ ١٤٤﴾
قوله تعالى :﴿متاعا بالمعروف حقا عَلَى المحسنين﴾
سؤال : لم خص المحسنين بالذكر ؟
الجواب : في سبب تخصيصه بالذكر وجوه
أحدها : أن المحسن هو الذي ينتفع بهذا البيان : كقوله :﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يخشاها﴾ [ النازعات : ٤٥ ]
والثاني : قال أبو مسلم : المعنى أن من أراد أن يكون من المحسنين فهذا شأنه وطريقه، والمحسن هو المؤمن، فيكون المعنى أن العمل بما ذكرت هو طريق المؤمنين الثالث :﴿حَقّاً عَلَى المحسنين﴾ إلى أنفسهم في المسارعة إلى طاعة الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٢٠﴾
قال الجصاص :


الصفحة التالية
Icon