تَفْسِيرٌ لِلْوَعْدِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ وَنَصَّ الْمَازِنِيُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ : قُمْتُ إنْ قُمْتَ، وَلَكِنْ أَقُومُ إنْ قُمْتَ قَالَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لا يُقَدَّرُ الْمَاضِي تَقْدِيرَ الآتِي، كَمَا فِي قَوْلِهِ : يَا حَكَمَ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أُوذِيت إنْ لَمْ تَحْبُ حَبْوَ أَلْمَعِيَّتِك فَالْمَاضِي بِمَنْزِلَةِ الآتِي بِدَلِيلِ وُقُوعِ الشَّرْطِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَيْتَ إنْ حُمِلَ عَلَى هَذَا لَمْ يَكُنْ بِالشَّاهِدِ لأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا قَرُبَ قُرْبًا شَدِيدًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُهْلَةٌ وَلا تَرَاخٍ كَقَوْلِهِمْ " قَدْ قَامَتْ الصَّلاةُ " فَإِنْ دَخَلَهُ التَّرَاخِي لَمْ يَجُزْ. وَكَذَا قَوْلُ رُؤْبَةَ أُوذِيت إنْ لَمْ تَحْبُ حَبْوَ أَلْمَعِيَّتِك كَأَنَّهُ مِنْ مُقَارَنَتِهِ فِي الْخَيَالِ فِي حَالِ مَنْ قَدْ غَشِيَهُ ذَلِكَ. وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ : قُمْتُ إنْ قُمْتَ فَرْقٌ مِنْ وَجْهٍ وَجَمْعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَمَّا الْفَرْقُ فَطَلَّقْتُك حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُؤَاخَذُ بِهِ فَيَلْزَمُهُ شَرْعًا. وَقُمْت إنْ قُمْت لا مُبَالاةَ بِاطِّرَاحِهِ. وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّهُمَا عَلَى صُورَةِ الثُّبُوتِ، فَلا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُحْمَلا عَلَى مَا بَعْدَ الشَّرْطِ. وَفِي الْوَجْهِ الآخَرِ : أَنَّ قَائِلَهُمَا لَيْسَ فِي حَالِ مَنْ قَدْ غَشِيَهُ الأَمْرُ مِنْ شِدَّةِ مُقَارَنَتِهِ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ


الصفحة التالية
Icon