كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ. وَمُقْتَضَى ذَلِكَ إنْ طَلَّقْتُك صَرِيحٌ فِي الإِنْشَاءِ وَيَكُونُ قَدْ نَقَلَ مِنْ الْخَبَرِ إلَى الإِنْشَاءِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَعْلِيقِهِ، بَلْ أَقُولُ : إنْ قُمْت وَظَاهِرُهُ إنْ كَانَ الْخَبَرُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَبَرَ الْمَاضِيَ الثَّابِتَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾ لأَنَّ الافْتِرَاءَ مُنْتَفٍ قَطْعًا غَيْرَ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ التَّعْلِيقُ وَجَعْلُ الْعَوْدِ كَالْمُسْتَحِيلِ لاسْتِلْزَامِهِ هَذَا الْمَحْذُورَ، وَهُوَ الافْتِرَاءُ الَّذِي يَشُكُّ فِي عَدَمِهِ، فَصَارَ الْفِعْلُ الْمَاضِي عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ يُرَادُ بِهِ الْخَبَرُ الْمَاضِي الْمُحَقَّقُ، فَلا تَعْلِيقَ فِيهِ أَصْلا وَلا يُقَالُ لا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَا وَقَعَ لا يُعَلَّقُ ؛ وَقِسْمٌ يَظْهَرُ فِيهِ الإِنْشَاءُ كَطَلَّقْت فَهَذَا الأَظْهَرُ فِيهِ جَانِبُ قَبُولِ التَّعْلِيقِ حَتَّى يَصْرِفَهُ صَارِفٌ. وَقِسْمٌ عَكْسُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ بِعَكْسِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي الآيَةِ الْكَرِيمَةِ. وَقَوْلُ الْفَارِسِيِّ وَالْمَازِنِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْقِسْمِ الأَوَّلِ أَوْ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ إذَا أُرِيدَ أَصْلُ وَضْعِهِ وَهُوَ الْحَالَةُ الْغَالِبَةُ عَلَيْهِ فَحَكَمُوا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. فَتَسْوِيَةُ الْكِنْدِيِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِسْمِ الثَّانِي الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الإِنْشَاءُ غَيْرُ مُتَّجَهٍ ثُمَّ إنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ كَمَا إذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ إنْ